الأحد، 16 ديسمبر 2012

أثر الفساد على الجانب الاقتصادي



أثر الفساد على الجانب الاقتصادي
تتمثل أهم الآثار الاقتصادية المترتبة على الفساد في الزيادة المباشرة في التكاليف، وتأتي هذه الزيادة نتيجة لعدد من الآثار المتسلسلة لمظاهر الفساد. يؤثر الفساد على أداء الاقتصاد الوطني لأي بلد كان ونموه، إذ يؤثر سلبًا في استقرار البيئة الاستثمارية العامة، ويؤدي إلى زيادة تكلفة المشاريع، ويحد من إمكانات نقل التكنولوجيا والمهارات، ويضعف الأثر الإيجابي لحوافز الاستثمار بالنسبة للمشاريع المحلية والأجنبية، ويؤدي إلى هروب الأموال واستثمارها في الخارج لغياب التنافس الشريف الذي يعد شرطًا أساسيًا لجلب الاستثمارات المحلية والخارجية، خاصة عندما تطلب الرشاوى من أصحاب المشاريع لتسهيل قبول مشاريعهم أو يطلب الموظفون المرتشون حصة من العائد الاستثماري. إن المبلغ الذي يدفعه رجل الأعمال كرشوة للموظف لغرض الحصول على تسهيل معين، مثل الحصول على إذن باستيراد سلع معينة من الخارج أو الحصول على مناقصة أو عطاء أو المتاجرة بأشياء ذات ضريبة عالية، إن هذا المبلغ لن يتحمل عبئه رجل الأعمال، وإنما يتم نقل عبئه إلى طرف ثالث قد يكون المستهلك أو الاقتصاد القومي ككل أو كلاهما معًا، حيث يقوم رجل الأعمال برفع سعر السلعة التي استوردها من الخارج، أو رفع التكلفة في المناقصة أو العطاء، لغرض تعويض ما دفعه من رشوة، ويتحمل المستهلك الذي يشتري هذه السلع سعرها المرتفع دون غيره، أو قد تتحملها ميزانية الدولة إذا كانت الحكومة هي التي تشتري السلعة. إضافة إلى ذلك قد يؤدي استيراد هذه السلعة إلى زيادة الطلب على العملة الأجنبية، الأمر الذي يضعف من قوة العملة المحلية وينقص قيمتها، ويؤثر ذلك، طبعًا، على الاقتصاد القومي الذي يتحمل عبء هذه الرشوة.( عبد الفضيل، 2000)
ومن الملاحظ في العديد من الأسواق في العالم أن ارتفاع أثمان السلع في السوق قد لا يعود إلى ارتفاع تكلفتها الإنشائية، وإنما يعود إلى ملابسات من هذا النوع والمتمثلة بدفع رشاوى لنقل واستيراد هذه السلع والتعويض عن ما دفع عنها برفع أثمانها على المستهلك، الأمر الذي يؤدي إلى إحداث ضغط كبير على ميزانية ذوي الدخول المحدودة، مما يزيد من العوز وعدم المقدرة على مواجهة أمور الحياة. ومن آثار الفساد على الجانب الاقتصادي، أيضًا، أنه يغير المعايير التي تحكم إبرام العقود، حيث أن التكلفة والجودة وموعد التسليم وغيرها من المعايير المشروعة هي التي تحكم إبرام العقود في الظروف العادية، ولكن في ظل الفساد يصبح المكسب الشخصي لكبار المسؤولين عاملا مهمًا في إبرام العقود ويقلل من أهمية المعايير الأخرى كالتكلفة والجودة وموعد التسليم، وهذا يؤدي إلى اختيار مقاولين أو موردين أقل كفاءة وإلى شراء سلع أقل جودة. كذلك يؤدي الفساد إلى اتخاذ قرارات حكومية بإنشاء مشاريع أو شراء سلع غير ضرورية وتأجيل مشاريع أخرى ذات أهمية قومية، وهو ما نلاحظه بالنسبة لإعطاء تسهيلات مصرفية كالقروض، وتسهيلات استيراد، سواء في الرسوم الجمركية أو شهادات المنشأ، وشروط الإخراج وغيرها من التسهيلات، ويلاحظ ذلك أيضًا من خلال قيام بعض الدول بشراء معدات عسكرية تفوق القدرة الاستيعابية لجيوشها، مع عدم وجود ضرورة أصلا لشراء تلك الأسلحة، وذلك لأن هذه النوعية من المشروعات والمشتريات تمكن من يتخذون القرارات الحكومية من الحصول على رشاوى كبيرة وسريعة. ومن أخطر مؤثرات الفساد على الجانب الاقتصادي أنه يؤدي إلى تبديد الموارد القومية لبلد ما (كالبترول، والغاز الطبيعي، والمعادن) ويجعل مساهمتها في التنمية الاقتصادية للدولة هامشية. لذلك كله يعتبر الفساد أحد أهم العقبات أمام النشاط الاقتصادي، إذ يؤدي الفساد إلى تشويه القرارات الاقتصادية ويوجد عدم موضوعية في الإنفاق العام، ويؤثر سلبًا على الاستثمار والنمو الاقتصادي وهجرة الكفاءات وفقدان مصداقية الدولة أو السلطة أمام الأطراف الخارجية. (محمد، 2006)
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق