الأحد، 9 ديسمبر 2012

المشاركة السياسية


المشاركة السياسية

تعد المشاركة السياسية، من أساسيات الفعل الديمقراطي، إذ لا يمكن الحديث عن الديمقراطية دون التعرض للمشاركة السياسية لأفراد المجتمع، فهي ضرورية لإرساء قواعد المجتمع الديمقراطي؛ مثلما هي وجه يعكس العملية الديمقراطية في حالتيها الإيجابية والسلبية، وهي كذلك مؤشر ومقياس لنجاح أو تعثر هذه العملية.
وكما أن الديمقراطية هي عملية مركبة، تتكون من مجموعة عناصر، كل عنصر فيها يشكل عملية قائمة بذاتها؛ فإن المشاركة السياسية كأحد هذه العناصر، هي كذلك عملية قائمة لها عناصرها الأساسية والضرورية، لا يمكن إهمالها أو إسقاطها؛ بل يجب الاهتمام بكل واحدة منها على حدة وبنفس القدر من الجدية السياسية، حتى يتحقق الهدف من المشاركة، والمتمثل في تحقيق الديمقراطية.
إن المشاركة السياسية كالديمقراطية، هي أكثر من شعار دعائي ترفعه دولة ما، أو وصفة يوصف بها نظام سياسي ما في أي مجتمع؛ إنما هي فلسفة يجب الإيمان بها، وإجراءات وخطوات قانونية، ووسائل فكرية وبشرية ومادية يجب توفيرها. وهي كذلك شروط اقتصادية واجتماعية وسياسية، لابد من تحقيقها حتى تحدث المشاركة الفعالة المطلوبة. إنها مناخ عام صحي يوفر الشروط الضرورية لنمو واستمرار الحياة بشكل طبيعي ومقبول منطقيا لدى الأفراد والجماعات. ولهذا فمن الضروري البحث في مفهوم المشاركة السياسية، والمفاهيم المرتبطة بها؛ وفي أنواعها وأشكالها وفي آلياتها والميكانزمات الخاصة بممارستها، كما في القنوات التي تمر من خلالها. فالمشاركة السياسية ترتبط بأشكال تعتبر مقبولة ومشروعة، قانونا
وعرفا؛ وبأخرى مغايرة للأنماط الأولى، وتعد عند البعض خارجة عن القانون، وعن الحسابات والتوقعات. أما في الأدبيات السوسيولوجية فإن الصنف الأول من أشكال المشاركة السياسية فيعبر عنه بالوظيفة الظاهرة البناءة للمشاركة السياسية؛ في حين تعبر الأشكال الثانية عن الوظيفة الكامنة  الهدامة لها، حسب توصيف "ميرتون" لوظيفة المشاركة السياسية  ومهما يكن، فإن أشكال وآليات المشاركة السياسية المعروفة والتي يتفق على تصنيفها العلماء والدارسين تتمثل في الانتخابات، لكونها النموذج الأكثر انتشارا في العالم؛ وكذلك في الانضمام إلى الأحزاب السياسية، والجمعيات المدنية وإلى الجماعات الضاغطة وجماعات المصالح. وهناك أشكال أخرى لا تثير انتباه الكثير من الناس، لكنها في الحقيقة مؤثرة وفعالة وضرورية في الوقت الحالي، وهذا ما تعبر عنه وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، من خلال مجموعة من الوظائف المرتبطة بها عندما يتم التعرض لها قراءة واستماعا ومشاهدة. كما توجد أشكال أخرى يختلف الباحثون على تسميتها، فهناك من يسميها بالمشاركة السلبية، وهناك من يعتبرها مشاركة حقيقية. وهذه الأشكال غير مقبولة من الإدارة في تلك المجتمعات التي لا يتضمنها القانون صراحة أو يعترض عليها، فهي غير محبذة من طرف أصحاب القرار في مختلف مستويات الإدارة التنفيذية، وتتمثل في الإضرابات والاحتجاجات والمظاهرات. وأعمال العنف  إن الوصول إلى استخدام هذه الأشكال والأنماط المتنوعة والمتعددة من المشاركة السياسية في المجتمعات الحديثة، يعتمد على ميكانزمات لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها، فهي مستمدة أساسا من قناعات أفراد المجتمع ومما يحدث على مستوى أفكارهم وآرائهم، وكذلك من الوسائل المتاحة لهم والتي تساعدهم على بلورة أفكارهم وتشكيل آرائهم وتحديد اتجاهاتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق